رابح صقر.
مضى يومان تقريبًّا على نزول أغنية "تصفحيني" لا أعرف كم مرة قمت بإعادتها لكن ما أعرفه جيّدًا إني حفظت كلماتها. وفي كل مرة أستمع إليها أحسّ أنني للتوِّ وجدتها، واكتشف فيها شيء جديد، لحنًا بديع ومدهش جدًّا، أمر غير مستغرب من رابح، هذه هيَ عادته وأظنُّ الفنّان الوحيد الذي يُدرِك تمامًا أن ذائقة جماهيره صعبة ويحاول أن يشبعها في كل أغنية، وهذا ما حدث بالأمس ودائمًا يحدث.
لم تكن المرة الأولى التي يدهشنا فيها، اعتدنا على هذا الكمّ الهائل من التميّز والابتكار الفريد من نوعه بل الغريب أن تصدر أغنية دون أن تدهشنا.
لا أتذكّر متى أوّل مرة سمعت رابح صقر، لكن أشعر أن بيننا علاقة منذ وقتٍ طويل، من "يا نسيم الليل" إلى "وقّف ووادعني" و "ليلة ماتفارقنا". أيضًا ألبوم 2002 يساورني نحوه شعور جميل وغريب نوعا ما، أظن لأنه نفس ميلادي. على أية حال آسر من "الليلة" و"شفته البارح"، "غرام أطفال/صفحة الماضي/مادريت/أوجّه المعنى" والقائمة تطول.
يقول الحامد: "يكبر أحد الأخوة مبكرًا قبل البقية يتوقف عن اللعب، ثم يكبر ليتفقد الطريق أولًا.. تمر به الحياة تلطمه ويلطمها وبعد بضعة أعوام يلتفت إلى إخوته وهم منهمكون باللعب ويقول: الطريق سالك بإمكانكم الآن أن تكبروا بأمان." في ظنّي هذا مايفعله رابح في الفن الخليجي والعربي ككل، منذ بدايته والابتكار والتّجديد في الأغنية السعوديّة هوايته، أضاف العديد من الآلات وكان في كل مجازفة يجد معارضيين كثر وفيما بعد تجد كل معارضًا أصبح يتمتع في هذا الجمال.
أتذكَّر عندما جاءت لحظة كتابة الإهداء في كتابي "رحلة حافلة بالنسيان" تاهت الأحرف ونسيت ماهي الكتابة، أحسست بثقل عليّ وفجأةً دون سابق إنذار خطّت يداي: إلى من دائمًا تجعلني أتساءل كيف ستكون حياتي لو لم تكن بها؟ أتخيّل أنجرف نحو الهاوية دونها متأكد لو لم تكن موجودة لبقيت وحيدًا طيلة حياتي، إلى الموسيقى." أقصد بالموسيقى، أيّ يعني: إلى رابح صقر.
"رابح أنا بحبك لو كنت خسران" للتعديل نحنُ من ربحنا بأنّ قامة مُوسيقيّة وبهذه الوفرة الفنيّة نعرفها وتعرف ما نهوى جيّدًا.
الصورة بعدسة الرائع علي الحسينان.*